لا شك أن السنوات الأخيرة حملت طفرة نوعية وكمية في ريادة الأعمال عالمياً، عربياً وخليجياً. بالرغم من ذلك، مازال عدد المشاريع الريادية الناجحة محدوداً. بالمجمل فإن عدد المشاريع الريادية في المنطقة العربية ومنطقة الخليج تحديداً أقل بكثير منها في الدول الغربية. بالإضافة لذلك، فإن كثيراً من رواد الأعمال البارزين في دول الخليج العربي – خصوصاً في الإمارات – هم في الحقيقة من دول عربية أخرى مثل الأردن ولبنان.
اطلعت مؤخراً على سؤال حول أسباب تأخر ريادة الأعمال في المنطقة مقارنة بغيرها، ولفت نظري تحليل جيد لذلك قام بكتابته Adrian Grabicki والذي سبق أن عمل كمستشار لدى عدد من الحاضنات الحكومية وجهات الاستثمار السعودية ، وقد عرض في تعليقه عدداً من الملاحظات الملفتة، أنقلها لكم هنا.
أكبر عنصر مؤثر على ريادة الأعمال في المنطقة هو الثقافة، ويندرج تحته عدد من الأمور :
- النفور من المخاطرة : بالعموم، يتم النظر للمخاطرة في دول الخليج العربي بشكل مختلف عن الغرب. في الغرب تعد المخاطرة أمراً مقبولاً، بل يعتبر البعض سلوكاً نبيلاً أن يتخلى الشخص عن كل شيء ليحاول تأسيس شركته في وادي السليكون أو نيويورك. في المقابل، تدفع الأسر العربية بأبناءها للحصول على وظائف “حقيقية” .
- التكلفة العالية للفشل : بالارتباط بالنقطة السابقة، يتم النظر للفشل والتعامل معه بشكل مختلف في الدول العربية عن الغرب. في الغرب، يتم النظر إلى الفشل على أنه فرصة للتعلم. في المقابل، ينظر العرب نظرة دونية إلى الفشل، خصوصاً على الصعيد العائلي والقبلي ( أنت لا تريد أن تفشل حتى لا تحضر العار – أو الفشيلة – إلى عائلتك ) .
- غياب الأبطال المحليين : معظم العرب يرون الابتكار يحدث بواسطة بل جيتس أو ستيف جوبز، ولا يرون أي أبطال رياديين محليين يلهمونهم ليصبحوا مثلهم. كل ذلك مع ماسبق يجعل الحصول على وظيفة حكومية أو في شركة كبيرة أكثر جاذبية لرواد الأعمال المحتملين.
- الملكية : تقريباً يجتمع كل من قابلتهم من رياديي الأعمال العرب في عدم ارتياحهم لمنح أي جزء من شركاتهم لأي شريك يرغب في الاستثمار معهم. بالرغم من ذلك فإنهم لا يمانعون من الحصول على القروض البنكية أو العائلية. إنهم يرفضون بتاتاً أن يملك أي شخص آخر أي حصة في مشاريعهم.
- الخوف من الانفتاح : لسبب ما، تقريباً اتفق كل سعودي قابلته لديه فكرة مشروع ريادي بخوفه من أن هناك شخص آخر سيقوم بسرقة فكرته. أحد أهم أسباب نجاح وادي السليكون هو أن الجميع يشارك أفكاره، يستمع للآراء والملاحظات ، ويجرب كثيراً ليتحقق منها. في المقابل، وجدت العرب يميلون أكثر إلى إخفاء أفكارهم حتى يتم بناؤها بالكامل، وبالطبع هذه ليست الطريقة الأكثر فعالية في بناء المشاريع الريادية.
بعد ذلك تأتي العناصر التنظيمية :
- البيروقراطية.
- سهولة الحصول على وظيفة مرتفعة الدخل للريادين أصحاب الشهادات الجامعية. معظم السعوديين المتعلمين والمؤهلين لتأسيس شركات ريادية توجد لديهم خيارات كثيرة جداً سواءاً في القطاع الحكومي أو الخاص. هذه الفرص قد تكون أكثر استقراراً وجاذبية مقارنة بشبيهاتها في الغرب.
- قلة المبرمجين : مع أن المشاريع الريادية ليست محصورة فقط على مجال تقنية المعلومات، إلا أن عدداً من الشركات الناشئة التقنية العالمية كانت هي الأكثر نجاحاً. للأسف، يعتمد كثير من السعوديين على الـ outsourcing في تنفيذ مشاريعهم مما يقلل فرصة بناء منتجات ذات جودة عالية بأنفسهم.
المقال مترجم بتصرف من إجابة في موقع Quora ، كثير مما في هذا المقال ينطبق على الدول العربية عموماً.